Arabic تـعـلـيـق

القوة العربية المشتركة قد تردع ايران لكنها قد تخنق الحراك الديمقراطي في المنطقة


أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل قليل في ختام قمة شرم الشيخ للقادة العرب، اليوم الأحد الموافق 29 مارس/آذار 2015، عن اتفاق القادة العرب مبدئياً على تشكيل “قوة عربية مشتركة” لمواجهة “التهديدات الأمنية”. وكانت فرانس 24 قد حصلت على نسخة من مسودة مشروع البيان الختامي والتي تم النص فيها على إنشاء قوة تدخل عربية تشارك فيها الدول اختيارياً، وهي نقطة تحفظ عليها العراق، بحسب الوكالة.


وبحسب السيسي، والذي نشرت جريدة السفير، مقتطفات من كلمته في افتتاح أعمال القمة السبت الماضي، فقد قال في كلمته لدى افتتاح أعمال القمة أن القوة المشتركة المقترحة تهدف الى التعامل مع ” امكانية تفاقم الأوضاع والتحديات الراهنة من ارهاب يداهم ويروع ومن تدخلات خارجية شرسة”. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أن انشاء قوة عربية مشتركة هو قرار “تاريخي بحسب ذات الصحيفة.


وتعيد فكرة تشكيل القوة المشتركة الى الأذهان الأوقات التي استخدمت فيها بعض الدول العربية أطراً أمنية وعسكرية للتدخل والتداخل في أوضاع بلدان أخرى شهدت حراكاً شعبياً على شكل انتفاضات، مثل البحرين في العام 2011، حين قامت دول الخليج، وعلى رأسه السعودية، بإرسال قوات ما يُعرف باسم “درع الجزيرة” بناءً على طلب من حكومة مملكة البحرين لـ “حماية المنشآت الاستراتيجية في البلاد” بعد أن اندلعت حركة احتجاجات شعبية عارمة في البلاد.


وتعود ذاكرة فكرة العمل العسكري المشترك الى الوراء قليلاً، وبالتحديد الى أواسط السبعينيات من القرن الماضي، حين أوفدت الدول العربية قوات للمساهمة في حفظ السلام في خضم الحرب الأهلية التي كان يشهدها لبنان. وتحولت هذه القوات الى ما سُمي لاحقاً بـ “قوات الردع العربي” والتي تشكل قوامها أساساً من ست دول عربية، تحت مظلة جامعة الدول العربية وعي سوريا و لبنان والسعودية و السودان و اليمن والإمارات. وليس مفارقةً أن استقدام قوة عربية تم بناءً على طلب الرئيس اللبناني سليمان فرنجية آنذاك. وآلت القوة الى التحول بعد انفراط عقدها الى معمل من معالكم بسط نظام حافظ الأسد على جميع مفاصل الحياة في لبنان.


وبعد أن شنت السعودية و11 دولة متحالفة معها، الأسبوع الماضي، سلسلة من الضربات العسكرية الجوية ضد الحوثيين في اليمن، بهدف اجبارهم واجبار الرئيس السابق المخلوع علي عبد الله صالح الى إعادة مقاليد السلطة، التي انتزعها الحوثيون عنوةً، الى الرئيس هادي عبد ربه؛ تتخذ فكرة انشاء القوة العربية المشتركة بعداً آخراً ذات أهمية، لا يقل على الاطلاق أهميةً عن الهدف المعلن لتأسيسها. ويتجلى ذلك البعد في تتويج الجهود الحثيثة التي بذلتها السعودية وبعض دول الخليج لقلب ما تحقق في سنوات ما عُرف بـ “انتفاضات الربيع العربي” وما شكله ذلك من تهديد فعلي لاستقرار أنظمة حكم عرفتها شعوبها بالفساد والتصق بمجرى حكمها مظاهر أسوأ الممارسات على صعيد انتهاك حقوق الانسان ومصادرة الحريات.


والواقع، أن ظهور مجموعات مسلحة ترتبط بعلاقات سياسية أم عقائدية مع دول جوار قوية مثل ايران، يُشكل تحدياً بارزاً لدول الخليج وعلى رأسها السعودية. إلا أن الباب الذي يفتحه تشكيل قوة عربية مشتركة، على إيقاع مثل موجة النكوص الحالية الهائلة في مسار الحريات والمشاركة السياسية، لا يمكن إلا أن يدفع بالمتخوفين الى ابداء قلق عميق من إمكانية أن تتحول القوة المشتركة الى قوة ردع أمنية هائلة تستخدمها منظومة الحكومات لخنق أي آمل في حراك ديمقراطي ومستقل في المنطقة.