قال مستشار الدفاع السعودي العميد ركن أحمد بن حسن عسيري في مؤتمر صحافي يوم 29 مارس/آذار أن قوات التحالف الذي تقوده بلاده في إطار ما يُسمى بـ عملية “عاصفة الحزم” تبذل جهوداً استخبارية لتحديد الأهداف التي يتم ضربها في اليمن في مسعى من هذا التحالف للإطاحة بتنظيم الحوثيين الذي استولى على السلطة عنوةً وأطاح بآخر رئيس لها، عبد ربه هادي. وأشار العميد عسيري إلى قيام قوات هذا التنظيم بـ “تخزين عدد كبير من الأسلحة والذخائر في أماكن مختلفة داخل أراضي الجمهورية اليمنية” وأن التحالف يبذل الجهود لتحديد أماكن هذه المستودعات والذخائر واستهدافها. وأكد في ذات السياق على أن قوات تحالفه وأكد “تبذل أقصى جهدها لتعريف الأهداف والتحقق منها ومهاجمتها؛ مع الحرص على سلامة وأرواح المواطنين اليمنيين”.
وكانت صحيفة عرب نيوز السعودية والناطقة باللغة الإنجليزية، قد نشرت تقريراً، في نفس اليوم، عن وقائع المؤتمر الصحافي، وقال تقريرها أن العميد شدد على سعي قوات التحالف لتجنب إيقاع “الضرر الجانبي” خلال شنها لغاراتها على أهداف في اليمن.
وكانت المنظمة الدولية المدافعة عن حقوق الانسان، هيومن رايتس ووتش، قد قالت في بيان لها يوم 28 مارس/آذار، أم قوات التحالف السعودي أوقعت ما لا يقل عن 11 مدنياً، ان لم يكن 34 منهم، في أول يوم من أيام غارات التحالف على مناطق اليمن. وقالت المنظمة في بيان لا تتوفر منه للآن نسخة باللغة العربية، أن من بين القتلى اثنان من الأطفال وامرأتان.
وفي وقت متأخر من ليل 30 مارس/آذار، قامت قوات التحالف باستهداف وقصف مخزن لصواريخ سكود في منطقة فج عطان، وانفجار الصواريخ والذخائر في أحياء عدة في العاصمة. ويوضح الفيديو التالي الذي انتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، ضخامة الانفجار ويبرز الشظايا النارية، والتي لا نعرف ان كان بعضها أو جميعها انفجارياً، لكن من الواضح أن نطاق وصول هذه الشظايا لا يقتصر فقط على منطقة التفجير، بل مرشحٌ للامتداد الى مناطق قريبة ومتاخمة، وهي في الغالب مناطق سكنية مأهولة بالمدنيين.
ويُعيد مشهد ذلك الانفجار ضرورة التعامل مع مسألة الضرر الجانبي، والتي لا يبدو أنها تحظى باهتمام كافي في هذا السياق. وهناك ثلاث قواعد على الأقل في اطار قواعد القانون الإنساني العُرفي (قانون الحروب) والتي تنص بصراحة على ضرورة استيضاح “الميزة العسكرية” ]القاعدة 14 [المتوخاة من شن هجمات بعينها؛ في ظل انسجام وتوافق مع حظر للهجمات التي من شأنها تُسبب بصور “عارضة” خسائر في أرواح المدنيين، أو تلك التي من الممكن أن تكون مفرطةً في تجاوز ما ينتظر عن أن تحرزه من ميزة عسكرية مباشرة وملموسة (هذه القواعد تتوفر في مجلد للجنة الدولية للصليب الأحمر للراغبين في التحميل هنا).
والحقيقة، أن مجرد استباق مخاوف من وقوع آثار عارضة (جانبية) لهجمات التي تشنها قوات التحالف السعودي، بتصريحات في مؤتمر صحافي، ليس كافياً على الاطلاق بالنظر الى جسامة الثمن الذي من الممكن أن يترتب على وقوع المحظور؛ وهو خسائر في أرواح المدنيين. وليس من الواضح كيف تقوم قوات التحالف بالتحقق من دقة أهدافها، إلا أن من الواضح أن تحاشي وقوع الضرر العارض والجانبي في شن هجمات مثل تلك التي استهدفت مخزناً لصواريخ سكود، يجب أن تخضع في المقام الأول والأساسي الى تحقيق مستقل.
وهذا ما يلفت الانتباه الى متاهة أخرى على صعيد المُساءلة والمحاسبة. ففي حال ارتكبت قوات التحالف جرائم حرب في هجماتها على الحوثيين في اليمن، فكيف من الممكن محاسبتها؟ وأين ومتى؟ ليس أي من الدول الخليجية المشاركة في التحالف أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وليس هناك أي سابقة على صعيد المنطقة تفيد في هذ السياق.