Arabic تـعـلـيـق

الحملة من أجل انقاذ حياة شاعرٍ وسط فيضان إرهابي في ثلاث قارات


اليوم ضُربت تونس مجددا ً. ولا أحد يريد استباق مجرى أي تحقيق في مجريات التفجير في وسط العاصمة، إلا أن من أضعف الايمان القول بأنه يأتي في سياق مرعب، ومخيف، من الانفلات الاجرامي في ثلاث قارات من هذه الكوكب.

شهدنا باريس قبل أسبوعين تنجرح، ورأينا مالي في ذات السياق، وبالرغم م

ن أن دورة حياة الخبر الإعلامي قصيرةٌ على نحو مُخجل، إلا أن بعضاً من الذاكرة لن تبيضه صفحة أخبار الغد العاجلة، ومنها مدنيو سوريا الذين يخوض بشار الأسد وبوتين حملة قصف لم تتوقف ضدهم، مُضافاً إليهم ضحاياً لم يعد أحدٌ يكتب عنهم يسقطون في بغداد وما حولها جراء عمليات تفجير، كما أن القليل، على عدد أصابع أربع أيد ربما، ما زال يستذكر النزيف المدني اليومي جراء غارات التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن.

ووسط هذا الفيضان من الرعب، والتدمير غير المسبوق لقيمة الحياة البشرية، تهض هيئةٌ قضائية في السعودية لتقول كلمة الفصل بحق الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، المسجون لما يُقارب العامين في الك البلاد، ولتؤرخ لصفحة أخرى من اهدار العدالة والحياة معاً: الإعدام بحق أشرف لكونه متهماً بالردة والالحاد، بناءً على أشعار قصائده التي ضمها كتابٌ شعري له، ممنوعٌ أصلاً في السعودية.

ولننتبه أن الحديث يدور حول شاعر، وليس ارهابياً مفترضاً. والشاعر، في حاله الدائم شخصٌ يصنع من الكلمات رأيه، ولم يسبق أن تسببت دوواين شعرية بسقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء في مسجد أو كنيسة أو في سوق أو مكان عام.

وفي حالة أشرف فياض، هناك مسألتان، مشكلتان: تتلخص الأولى في كون ملف حقوق الناس والحريات والعدالة في بلد كالسعودية، شيئاً منسياً، غض ما يُعرف بالمجتمع الدولي الطرف عنه منذ زمن بعيد. ولم يتناهى لمسامعنا أن أحداً من ممثلي الحكومات الغربية يتابع القضية، باستثناء السفارة الألمانية في الرياض، التي قالت أنها “تراقب” عن كثب. والثانية، في كونه “بلا ظهر” في الحاضنة المجتمعية في السعودية. ولعل تعرض والده لجلطة اثر سماعه النبأ، تلخص مدى فداحة الوضع القائم.

في الحديث عن الإرهاب ومواجهته، نحن نريد القول غالباً بأن حماية أرواح البشر هي الغاية والمنتهى، وأن البشر الواحد، الفرد، المنفرد، له حقٌ في الحماية كما هو حال المجموع. ولذلك، فالحملة من أجل انقاذ حياة أشرف فياض من الإعدام في السعودية، هي جزءٌ أصيل من الرد على فيضان الإرهاب في عالمنا الراهن.