Arabic تـعـلـيـق

مقال كل يوم … محاولات الانتحار الجماعي في الأردن احتجاجٌ بعد أن غابت سبل الاحتجاج

نجحت قوات الأمن الأردني يوم الأربعاء الموافق لـ 11 مايو/ أيار بمنع خمسة شبان من القيام بالانتحار جماعةً، بإلقاء أنفسهم من فوق بناية مرتفعةعلى مقربة من نقطة حيوية في العاصمة عمّان. وتشير التقارير التي وردت عن الحادث، أن الشبان الخمسة قالوا في افاداتهم أمام الأجهزة الأمنية المختصة بُعيد محاولتهم أن السبب في محاولتهم هو عدم وجود وظائف.


وفي الوقت الذي وصف مسؤولٌ أردنيٌ سابق (رفيع المستوى) الحادثة بأنها “تدق ناقوس الخطر”، فإن الوقائع تشير الى أن المسألة برمتها تعدت الخطر ذاته، الى مرحلة الضرر. ولا قيمة هنا للانخراط في الاجتماعي حول حُرمة الانتحار أم جُبن من يحاولون القيام به، ويجب، بدلاً من ذلك إعادة الأمور الى سياقها الدقيق.


التهديد بقتل النفس، هو احتجاجٌ من أعلى المستويات وأكثرها قساوة. والاحتجاج على عدم وجود وظائف هو بالضرورة دلالة بالغة على اهدار عميق للحقوق الاقتصادية، والتي يأتي على رأسها الحق في العمل والمعيشة والغذاء والدواء. وخلال السنوات الخمس الماضية تجاذبت مساحات هذا البلد السياسية الضيقة محاولات غير انتحارية للاحتجاج وكان شعارها واضحاً: حقوق اقتصادية وعمل ومعيشة. لكننا بدلاً من أن نأخذ الاحتجاج في سياقه الصحيح، بهدف علاجه، اتجهنا الى تضييق الخناق على الحركة، الى درجة خنقناها، وأوجدنا من الأسباب في القانون والممارسات الرسمية، ألفاً وأكثر من الأسباب لتحريم الحركة في مساحة ضيقة أصلاً.


هل إن تظاهر الشبان الخمسة بدلاً من التهديد بالانتحار، كان ليصل صوتهم؟


بالضرورة لا.. لأن تظاهرهم، الذي هو شكل احتجاج متعارف عليه، كان سيواجه غالباً بصرامة.


الأهم، هو تنبيه المسؤولين في هذه الدولة المسكينة، أن ”ذاكرة السمك” داءٌ عليهم التعافي منه. فعلى الأقل هذا العام، وفي 22 أبريل/نيسان الماضي، قال مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، وهو مؤسسة أردنية، أنه قد تم تسجيل 22 محاولة انتحار بين العمال في الأردن خلال العام الماضي 2015، وانتهت بموت أربعة عمال، مؤكداً على تزايد حالات التهديد بالانتحار في صفوف العمال أو من لا يجدون عملاً.


وعلينا أن نكون واضحين، فالاحتجاج بعينه لا يحل المشكلة. وعلينا أن نكون أيضاً أوضح من ذلك، فقمع الاحتجاج بأشكاله السياسية السلمية والمبنية على التعبير والتجمع، قد يُنتج أشكالاً أخرى من الاحتجاج، غير العنف والإرهاب، وتشمل هذه التي نتحدث عنها الآن.