اجترح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فصلاً جديداً في فصول المأساة اليمنية حين خرج على جماهير وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدة قال فيها أن “الحوثيين هم جيران للسعودية ومهما كان هناك اختلاف معهم يظلون جزءً من النسيج الاجتماعي لليمن”. ومن باب الاتفاق مع ذلك، يجب التأكيد على أن أفكار المصالحة والحلول ذات الطابع السلمي والتفاوض والحديث والتفاهم المشترك، هي كلها من الأشياء التي اتفق معها، الى حد كبير جداً.
لكن هناك مسائل لا يمكن القفز عنها أو تجاوزها.
والأول والأهم منها، هي مسألة العدالة والانصاف والتعويض وجبر الضرر. فليس من المعقول أن الخلاف مع الجار، بالشكل الدموي الذي تم به في اليمن، سيستلزم كل مرة حرباً ضروس تستبيح دماء اليمنيين المدنيين، وتهدر بنية بلادهم التحتية المتهالكة أصلاً، وتمنع عنهم الغذاء والدواء وتحاصر برهم وبحرهم وجوهم. غير معقول اطلاقاً. إن استقر الجارُ على صلح جاره فعليه أولاً أن يُزيل أثر الضرر الذي تسبب به، ومنه لا يزول.
على الجار الكبير أن يُفسر لماذا استهدف المدنيين في حربه على جاره الذي يصفه الآن بـالجزء من النسيج الاجتماعي لليمن. وإن كان الجارُ ظل ينكر أنه استهدف أو قتل مدنيين في هذه الحرب التي لا وصف لها، برأيي، سوى العبث، فإن من واجبه لزاماً أن يفتح باب التحقيق في قتل المدنيين، ومنهم أطفال ونساء. عليه أن يفسر أو يسمح بالتحقيق كذلك في قصف المستشفيات واستهدافها، أو أن يسمح لغيره بالتحقيق فيها.
تسبب الجارُ الكبير وجاره بضرر بالغ لقيمة العيش والحياة في اليمن. وعليهما أن يخضعا معاً، في خلافهما وصلحهما، للتحقيق وعليهما أن يرتضيا بالتسليم بمبدأ أن اليمن لن ينام مطمئناً إلا بعد أن يتم انصاف كل من أهدرت حقوقه وحقوقها بالحياة والأمان والسلم.
ومرة أخرى، فإن تصالح جيران القمر مع بعضهم البعض لن يُغير شيئاً في أكثر فصول التاريخ العربي دمويةً وعبثية: لماذا شنت أغنى دول المنطقة حرباً على أكثر دولها فقراً؟