Arabic تـعـلـيـق

فادي القاضي |مقال كل يوم | طالبو اللجوء السياسي مشاريع ضحايا وليسوا "خونة"

طالب اللجوء السياسي أو طالبة اللجوء السياسي، هم أشخاصٌ تتهددهم مخاطر من شأنها تعريض سلامتهم الشخصية، والجسدية، الى خطر الأذى بأشكال متعددة ليس أقلها التعرض للمضايقة والتعذيب والاكراه والفصل من العمل والتمييز والحبس التعسفي، وحتى القتل.

وتقول دائرة خدمات الجنسية والهجرة في الولايات المتحدة، مثلاً، أن العديد من الأاشخاص يقصدونها كل سنة طلباً للحماية من الاضطهاد الذي يتعرضون له في بلدانهم الأصلية أو الأماكن التي يقطنونها. وتقول كذلك بأن أسباب الاضطهاد، على سبيل المثال، لا الحصر، تشمل العرق والدين والجنسية والانتماء لمجموعة اجتماعية بعينها أو بسبب آراء سياسية محددة. وليس هناك بحوزتنا الآن ارقام إحصائية عن عدد وبلدان طالبي اللجوء على خلفية سياسية الى أميركا أو أوروبا في السنوات الأخيرة، وبالتحديد من البلدان العربية، بمعزل عن مسألة اللاجئين بسبب الحروب الدائرة في المنطقة.

ومن نافل القول أن مسألة طلب اللجوء السياسي، ليست مسألة محصورةً بالعالم العربي، وهي مسألةٌ ذات بعد عالمي، وذات امتداد تاريخي. ومن أبرز الأمثلة المعاصرة على ذلك هي محاولات الناشط السويدي البارز ومؤسس موقع ويكيليكس، جوليان آسانج، لطلب اللجوء في دولة أخرى غير بلده الأصلي السويد، لاعتقاده بوجود تهديد جدي لحياته وسلامته على خلفية تسريبه لمئات الآلاف من الوثائق التي تدين الولايات المتحدة الأميركية، وإمكانية أن تقوم حكومته بتسليمه اليها حيث تُطبق عقوبة الإعدام في عدد من الولايات هناك. لكن السويد، على الطرف النقيض من ذلك، هي من الدول التي كانت تمتلك سمعة واسعة في احتضان طلاب اللجوء السياسي من المعارضين لحكوماتهم والمنشقين والكُتاب والفنانين الذين يخشون على سلامتهم في بلدانهم الأصلية حيث يتلقون التهديدات والمضايقة.

ويُمثلُ اللجوء السياسي بشكل واضح نوعين من الإخفاقات؛ أولهما الإخفاق في توفير اطار من الحماية القانونية والمجتمعية للذين يمتلكون أفكاراً يراها الحاكم أو حتى المجتمع “غريبة” و”دخيلة” ولا تتفق مع تقاليد المجتمع، أو من شأنها “تقويض أمنه”. والثاني، هو الإخفاق في توفير الضمانات ضد التعرض للاضطهاد، وتشمل تلك الردع والمحاسبة للمُحرضين على القتل أو مُصدري التهديدات، في كل المستويات، كما وتشمل محاسبة وعقاب المسؤولين الحكوميين ومن يأتمرون بأمرهم، على تورطهم في تهديد أو تعريض أي شخص للمضايقات بسبب أفكارهم أو بسبب ما يكتبونه أو لأي سبب آخر.

وبدلاً من أن يتم النظر الى من يطلب أو تطلب اللجوء السياسي خارج “الوطن” باعتباره خائناً أو خائنةً، فلا بد من وضع العبء على المتسبب/ين بدفع هؤلاء الى الفرار من مكان كان يفترض به أن يكون ملاذهم الآمن، بدايةً ونهايةً. يجب تحميل العبء للمؤتمنين على صناعة القرار في أوطاننا، وحسابهم.