مر أقل من شهر على صدور إعلان عمان 2016 لحقوق الإنسان، ولم تتجاوز ردود الفعل عليه أكثر مما كان متوقعاً، أو ما يجب توقعه، وهي في حدودها الدنيا محاولةٌ جادةٌ لإلقاء حجر في مياه راكدة. وبسبب أن الإعلان صدر عشية انطلاق الحملات الانتخابية للبرلمان القادم، توفرت فرصةٌ لقياس مدى ركود المجال العام، وقصوره، عن الانخراط في نقاش جاد، وواسع، ومرتبط بأفعال لاحقة للتغيير وعلاج ما يحتاج علاجاً في مشهد الحقوق البشرية المُهدرة.
وفي الوقت الذي تفصلنا أيامٌ معدودات عن موعد الاقتراع الانتخابي، فنتائج القياس أصبحت واضحة: بشكل عام، خلت الحملات الانتخابية من أي شعارات تتعلق بحقوق الانسان، وغاب عن وعيد المرشحين وقوائمهم تعهدات بالحفاظ على أي حق والدفاع عنه، وباستثناءات لا تتجاوز أقل من أصابع اليد الواحدة، مرت فكرة “الحريات” مروراً عابراً ولم تجد مقعداً للجلوس في خيم المرشحين والمرشحات، أو في صفحاتهم الالكترونية أو في مقاطع الفيديو مدفوعة الأجر التي التهمت وسائل التواصل الاجتماعي.
نتيجة القياس بكل اختصار هي أن حرياتنا وحقوقنا في خطر.
وإعلان عمان ليس سوى أداة لايجاد قاسم مشترك بين كل من يستطيع وتستطيع العمل من أجل الدفاع عن هذه الحقوق. لا أبواب لنفتحها لنقول “الباب مفتوحٌ أمام الجميع”، ولا يملكُ من صاغ هذه الإعلان وسهر على اطلاقه وتحشيد القلة الموقعة عليه سوى توجيه الدعوة، مرةً تلو أخرى، للفاعلين للتمسك بالقيم التي قام الإعلان من أجلها. القيمُ لا يملكها أحد، ولا يحتكرها أحد، وكذلك إعلان عمان 2016 لحقوق الإنسان: هو أداة وليس طموحاً؛ هو وسيلة وليس غاية؛ هو فكرةٌ وليس آلية؛ وهو أخيراً دعوةٌ للعمل، ليس أقل ولا أكثر.
أدعو المهتمين الى التواصل، مع من وقعوا الإعلان، ومع من لم يوقعوه، مع من يرون الإعلان وسيلةً وفكرةً هامة، ومع من يرونه عكس ذلك، للعمل من دون تباطؤ.
ان كانت الفسحة الحالية مريحةً، فما بعدها قد لن يكون. وإن كانت هذه جمعةً مشمشيةً، فهي، أيضاً، لن تطول
للاطلاع على إعلان عمان 2016 لحقوق الإنسان