غادة الشيخ
تكشف كل دفعة تنفيذ إعدام تقوم بها الحكومة النقاب عن مؤيدي ومعارضي عقوبة الإعدام في الشارع الأردني وتحديدا في الوسط الحقوقي الذي تجد منه من لا يتنازل عن حق الإنسان في الحياة في حين يرى آخرون أن عقوبة الإعدام فعل عقابي يستحق التأييد باعتباره أسلوب ردع لتكرار عمليات الإرهاب والجرائم.
واستطاعت دفعة الإعدام التي قامت بها الحكومة في الرابع من آذار/مارس بحق 15 شخاص عشرة منهم أدينوا بقضايا الإرهاب وخمسة مُدانين في قضايا جنائية أن تقسم الوسط الحقوقي بين من هلل لهذه الخطوة وبين من واجهها وعارضها بكل ما أوتي به من قوة.
وخلال عدد من المقابلات سريعة مع من هم ضد عقوبة الإعدام تقول الناشطة والخبيرة الحقوقية ليندا كلش، على سبيل المثال، أنها ضد عقوبة الإعدام من حيث المبدأ ومع الحق في الحياة كحق اصيل ، وليس معنى هذا التهاون في حق الضحايا.
وترى كلش أن عقوبة الاعدام ثبت بالوجه القاطع انها لا تحقق الردع المطلوب، وابسط دليل تزايد الجرائم بعد تنفيذ حكم الاعدام في ١١ موقوفاً في نهاية عام ٢٠١٤، كما ان احتمال الخطأ وارد وهو ما لا يمكن تداركه، بالاضافة الى انه حتى الآن لم تتوافر معايير المحاكمة العادلة بالشكل المطلوب.
ودعت كلش إلى أنه من الأفضل دائما مراجعة الأسباب والمسببات التي أدت إلى تنامي العنف. كما دعت كلش الى الى تعزيز الإصلاح الجنائي، وشددت على ضرورة تناول العقوبة، في نظاق المنظور الاسلامي، من زاوية تفسير معنى كلمة القصاص وغيرها من الآيات التي تحث على العفو والتسامح، والرجوع الى مدى تطبيق هذه العقوبة في العصور الاسلامية الاولى، بالاضافة الى ضرورة وضع محددات التطبيق وللرد على من يتحججون بالتشريع.
بدورها، تُعدُ الناشطة والصحفية المتخصصة بقضايا حقوق الإنسان هبة عبيدات، واحدةً من أشد خصوم عقوبة الإعدام وتعتبرها “قتلاً باسم القانون” وانتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، عدا عن أن الحق في الحياة يُعدُ أحد أهم مبادئ حقوق الانسان وهو حق اصيل للفرد ولا يجب أن ينساق ويخضع للعواطف وردود الفعل. وترى أن ما تم القيام به من قبل الدولة هو انتهاكٌ صريح وواضح لحقوق الانسان وتعدي على أحد أهم الحقوق، وكان أولى بالحكومة أن تستند على عقوبات أخرى رادعة كفيلة بايقاف الجرم، لا أن تسلب حياة أي فرد، فتطبيق الاعدام لا يعني بأي شكل ردع الفعل على أرض الواقع.
واستهجنت عبيدات ما خرج من تصريحات رسمية تشيد بتنفيذ أحكام الاعدام باعتبارها رد اعتبار لأهالي الضحايا، معتبرةً ذلك يدخل في سياق الثأر.
وتعتبر عبيدات أن تنفيذ حكم الاعدام في الاردن ما هو الا ردة عن عملية الاصلاح وتراجع في مستوى الحقوق والحريات في الأردن، وهو أحد المؤشرات الهامة التي تؤكد استمرار الاردن في نهج التضييق وضرب الحريات بعرض الحائط بل والتعدي على أحد أهم مبادئ حقوق الانسان، مؤكدةً على أن الايمان بالحق في الحياة؛ في نهابة المطاف، هو أحد أهم الحقوق التي لا يجب تتباين وفق مشاعرنا وردات فعلنا، فالحقوق لا تقبل أن تكون مجزأه ولا تقبل القسمة ولا تُكيف وفق معتقداتنا كما ولا تعني شعارات نتغنى بها فقط في المحافل الدولية والاجتماعات العامة.
وأعرب المحلل السياسي عمر كلاّب بقوة عن رفضه لما قامت به الحكومة مؤخراً من تنفيذ عقوبة الإعدام بحق 15 شخصا، واعتبر أن تأجيل عقوبة الإعدام 14 عاماً بحق من وقع عليه حكم الإعدام يُعطي الأمل للمحكوم خصوصا في ظل انتشار معلومات تتحدث أن الأردن يرضخ حاليا لدعوات دولية بإيقاف عقوبة الإعدام؛ مُعتبراً أن منح الأمل على مدار 14 عاماً للمحكومين ثم إعدامهم هو بمثبة عقوبة مضاعفة، ذاهباً الى أن الكثير ممن نفذت بحقهم عقوبة الإعدام تم لإرضاءات عشائرية، مُشيراً إلى “أن عقل الدولة لا يبحث عن عدالة اجتماعية” على حد قوله.
وفي المقابل تؤيد الناشطة الحقوقية عبيدة عبده عقوبة الاعدام طالما طبقت ضمانات المحاكمات العادلة، فالجزاء من جنس العمل بحسب ما تقول، فكيف نتحدث عن حق حياة ازهقها القاتل بسبق اصرار وترصد، وما زال يملك الحياة او ننتظر اعادة تاهيله في المجتمع، ونحن نتحدث عن قرارات محاكم امن دولة بالارهاب واعتداءات جنسية وسفاح المحارم حتى القتل بعد ارتكاب افظع جريمة اغتصاب مع ابنة او طفل في الجنايات. وأكدت عبده أن عقوبة الاعدام رادع قوي لجرائم القتل، والا أصبح القتل سهلاً .
وترى الإعلامية المتخصصة بقضايا حقوق الإنسان أسما رجا أن عقوبة الإعدام عقوبة عادلة لاشخاص سلبوا اخرين حياتهم سواء كان بقضايا جنائية ام ارهابية وتعتبر أن العقوبة في الأردن لا تصل للإعدام إلا إذا كانت الجريمة بشعة جداً.